لا ريب أن طرح موضوع عيون الماء في رام الله يستجلب إلى أذهاننا بطريقة أسطورية قصصاً وخرافات لأجدادنا الذين سكنوا المدينة.
فإذا ما وجدت عيناً معتمة أو مسقوفة، وكانت هذه العين مصدر ماء أساسيا وتلعب دوراً في تلبية احتياجات السكان، فاعلم أنّك أمام عين مسكونة بالأرواح!.
وهل حلمت يوماً بأن تشرب من ماء زمزم الطاهرة دون أن تطأ قدماك مكة؟ ما عليك إلا أن تنتظر إشارات من الجن والعفاريت، لتصلك مياه زمزم عبر قنوات غامضة في وقت محدّد من السنة!!
تشكل الأساطير السابقة جزءاً من الرواية الشعبية الفلسطينية فيما يخصُّ عيون الماء هنا.
تأتي أهمية هذه العيون في مدينة رام الله كونها المصدر الوحيد (بعد مياه الأمطار) للمياه. ولكن معظم هذه العيون تحتاج إلى مشاريع تزويد وجلب مياه ما عدا قسم صغير منها مثل عين الكرزم.
لا شك بأنّه لم يتم العمل قبل عام 1880 على استغلال جميع عيون الماء في المدينة، فمع وصول عشيرة الحدادين إلى رام الله، عرفت المدينة عينين رئيسيتين هما: عين البلد، وعين البرج.
لا مفر من الإقرار بأن مدينة رام الله بموقعها المتميز، تشكل جوّاً مثالياً لوجود أعداد لا بأس بها من عيون الماء. ولعل أهم المحاولات التي جرت لاكتشاف عيون الماء في فلسطين قام بها صندوق اكتشاف فلسطين (F.E.P)، وذلك في الفترة الواقعة ما بين عامي 1882-1888، حيث تم الكشف عن عيون جديدة، وإعادة إحياء أخرى قديمة.
ما يزال معظمنا يجهلون عيون الماء الأساسية في رام الله، ولا يذكرون سوى عين مصباح وعين منجد أو عين المصيون. إلاّ أنّ ما يتواجد في هذه المدينة أكثر من ذلك بكثير، ومنها:
1 - عين البرج: تقع في حارة الشقرة، وهي مزود أساسي للمياه في رام الله.
2 - عين البلد: تقع وسط البلدة القديمة في منطقة الحرجة، وهي مصدر مياه أساسي للبلدة القديمة .
3 - عين مصباح: إحدى أنقى وأعذب العيون في رام الله، وهي قديمة العهد وتعود إلى زمن الكنعانيين الذين استخدموا ماءها. تمت تقويتها من البلدية عندما تم جلب مياه عين الكرزم إليها عام 1913.
4 - عين منجد: تقع في الجهة الجنوبية لرام الله، وهي عين صافية ونقية أيضاً. تُعتبر هذه العين متوسطة القوة مقارنةً مع عين مصباح.
5 - عين الكرزم: تقع شمال شرق مدينة رام الله، وتبعد حوالي 20 دقيقة سيراً على الأقدام من عين مصباح. وهي عين ماء قوية استخدمت لتقوية عين مصباح.
6 - عين سمعان: عين ماء حديثة العهد، وجدت في الأربعينيات فقط.
7 - عين الماصيون: تقع جنوب رام الله، وتمتاز هذه العين بمكانة خاصة في الأساطير الفلسطينية الشعبية، إذ يقال بأن ساكنها هو ملاك يحميها، بينما يسكن باقي العيون جن أو عفريت.
8- عين ترفيديا: تقع غرب رام الله، ويُقال شفوياً بأنّ مياهها كانت صافية ونقيّة، ولكنها أُهملت، ولم يبق لها أثر الآن.
9 - عين القصر: تقع غرب شمال مدينة رام الله، وهي عين مشهورة بنقاوة مائها وعذوبته، تقلص حجمها مع الزمن بسبب إهمال سكان المدينة.
10 - عين المصّاية: وهي عين صغيرة غرب رام الله، مياهها قليلة حتى أنها تجف أحياناً في الصيف.
11 - عين اللوزة: وهي عين صغيرة تقع على الطريق المؤدي إلى عين قينيا من الغرب.
12 - عين الدلبة: تقع بعد عين اللوزة مباشرة على الطريق الجبلي ذاته، وتم الكشف عنها في أواخر القرن التاسع عشر.
13 - مصاية عراق الخبيصة: تقع شمال غرب البلدة القديمة على الطريق الجبلي المؤدي إلى عين الجوز.
14 - بركة الجهران: تقع على الطريق المؤدية إلى عين قينيا في الوادي الغربي لرام الله.
15 - راس الواد: نبع مائي (غرب رام الله) قرب عين قينيا.
16 - بركة السرداح: تقع في الوادي الغربي لمدينة رام الله. وتُعتبر مياه عين راس الواد المغذّي الأساسي لهذه العين.
17 - بركة اليهودية: تقع غرب بركة السرداح.
18 - عين الجوز: عين صغيرة تم إعمارها عام 1924 من قبل مشروع قامت به بلدية رام الله.
19 - عين كدة: وهي عين ماء غزيرة تقع في منطقة العقدة على الطرف الغربي من المدينة.
20 - عين الكفرية: تقع غرب رام الله في الوديان التي تؤدي إلى قرية عين قينيا
21 - عين أبو دنفورة (عين العصفورة): تقع في الجهة الغربية للمدينة.
ومن الجدير بالذكر أنه توجد بجانب العديد من العيون السابقة بقايا أثرية قيمة تعود إلى حقبات تاريخية مختلفة، حيث أن أغلبها يعود إلى الرومانيين.
ولكننا إذا ما بحثنا عن مزيد من العيون في مدينة رام الله، سنجد آثاراً لينابيع قد جفت، أو تم بناء منشآت معمارية فوقها (مثل عمارة النتشة مثلاً).
يتمثل الخطر الذي تعرضت له هذه العيون وما زالت تتعرض بعدة جوانب أهمها إهمال سكان الأمر الذي يؤدي إلى جفاف العديد من هذه العيون. أما الجانب الآخر من هذا الخطر فيتجلى في الممارسات الصهيونية التخريبية على أراضي المدينة. فتذكر التقارير المعنية بالموضوع أنّ أحد أهداف الجدار العنصري الجوهرية – كما يتضح من طريقة تخطيطه الدقيقة- هي ضم بعض مصادر المياه ومن ضمنها العيون إلى مناطق تخضع للمستعمر.
أما بعد، فإن عيون مدينة رام الله قد ارتبطت بالتاريخ، لا بل هي جزءٌ من التراث الشعبي، والموضوعات الزجلية، فماذا ننتظر؟....كيف لا يشقّ علينا خسارتنا قطرة واحدة من هذه العيون المائية النفيسة؟، و كيف لا تحفّزنا ذواتنا إلى النهوض عندما تعبث أيدي دخيلة بمياه هذه العيون؟، ألسنا نحنُ من ندعو إلى تنمية بالاعتماد على الذات؟!!