الجراح الفرنسي الكبير.. الدكتور موريس بوكاي
ولد الدكتور موريس بوكاي في أسرة مسيحية فرنسية، درس الطب بجامعة فرنسا حتى أصبح أمهر جراح ببلاده، اهتم بعلم الحفريات الأثرية التي كانت بالإضافة إلى الجراحة مدخله إلى الإسلام.
إسلامه رحمه الله
في عهد الرئيس الراحل "فرنسوا ميتران" وفي نهاية الثمانينيات من القرن الماضي استضافت فرنسا "فرعون مصر" لإجراء بعض الاختبارات والفحوصات الأثرية عليه، وبعد الاستقبال الكبير والحاشد لجثمان الطاغية "فرعون" من قِبَل الرئيس الفرنسي مصحوبا بوزرائه وكبار مسئولي الدولة، تم نقله إلى مركز للآثار لدراسته واكتشاف أسراره من قبل أكبر علماء الآثار وأطباء الجراحة يتقدمهم الدكتور موريس بوكاي.
كان الجميع يهتم بترميم المومياء ومعالجتها لكن "موريس بوكاي" كان له هم آخر، كان يبحث عن الطريقة التي مات بها هذا الفرعون، ليتوصل في الأخير إلى أن فرعون مات غريقا، وأن ملح البحر لا زال مترسبا في جسده، وأن معجزة قد حصلت لنجاته بجسده.
بدأ "موريس بوكاي" يتحدث عما اعتبره اكتشافا جديدا توصل إليه حتى جاء من أخبره بأن القرآن الكريم قد ذكر قصة فرعون وغرقه ونجاته ببدنه، فاستغرب الجراح واعتبر ذلك من المستحيلات التي لا يمكن تصديقها لأنه أول من شاهد هذا الفرعون، وأنه أول من عرف كيف مات بعد أن مضى على غرقه آلاف السنين، كما يستحيل معرفة ذلك واكتشافه إلا عن طريق العلم الحديث، زد على ذلك أن هذه المومياء لم تُكتشف إلا في سنة 1898 م بينما القرآن الكريم موجود منذ قرون خلت، وأن "البشرية جمعاء لم يكونوا يعلمون شيئا عن قيام قدماء المصريين بتحنيط جثث فراعنتهم إلا قبل عقود قليلة من الزمان فقط" (الدكتور راغب السرجاني).
لم يصدق الرجل ما يقال له لأن العقل والعلم -في نظره- يكذبان ذلك، إلى أن تليت عليه الآية الكريمة: "فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون" (يونس:92)، خشع قلب الرجل وسكن واطمأن، وأدرك أن هذا الكلام يستحيل أن يكون من كلام البشر إنما هو كلام خالق البشر عز وجل، فأعلن إسلامه مباشرة.
مشروع الدكتور موريس بوكاي بعد إسلامه
حمل الدكتور موريس بوكاي بعد إسلامه مشروعا علميا يهدف إلى دراسة تطابق الحقائق العلمية الحديثة مع القرآن الكريم، فتعلم اللغة العربية بعد أن تجاوز سن الخمسين، ودرس النص القرآني بلغته الأصلية، فكان من ثمرات هذا المشروع الذي قضى فيه الجراح الكبير عشر سنوات كتابا هز العالم تحت عنوان: "القرآن والتوراة والإنجيل والعلم.. دراسة الكتب المقدسة في ضوء المعارف الحديثة"، فماذا فعل الكتاب؟. "من أول طبعة له نفد من جميع المكتبات، ثم أعيدت طباعته بمئات الآلاف بعد أن ترجم من لغته الأصلية (الفرنسية) إلى العربية والإنجليزية والإندونيسية والفارسية والتركية والألمانية، لينتشر بعدها في كل مكتبات الشرق والغرب، وصِرت تجده بيد أي شاب مصري أو مغربي أو خليجي في أميركا.
يجيب الدكتور راغب السرجاني عن ذلك فيقول:
ولقد حاول (…) علماء اليهود والنصارى أن يردوا على هذا الكتاب، فلم يكتبوا سوى تهريج جدلي ومحاولات يائسة (…) وآخرهم الدكتور (وليم كامبل) في كتابه المسمى "القرآن والكتاب المقدس في نور التاريخ والعلم" فلقد شرَّق وغرَّب ولم يستطع في النهاية أن يحرز شيئا.
بل الأعجب من هذا أن بعض العلماء في الغرب بدأ يجهز ردا على الكتاب، فلما انغمس في قراءته أكثر وتمعن فيه زيادة، أسلم ونطق بالشهادتين على الملأ."
نظرة موجزة عن الكتاب
قام المؤلف في هذا الكتاب الذي جاء في أكثر من مائتين وخمسين صفحة بدراسة مقارنة للكتب السماوية الثلاث، كما بَحَث في مدى مطابقة ما ورد فيها للعلم، ليستنتج بعد دراسة طويلة وتحليل عميق أن القرآن الكريم متفق تماما مع كل الحقائق والمعطيات العلمية الجديدة مع أنه أُنزل في زمن لم يبلغ فيه العلم ما بلغه الآن، ليتوصل إلى حقيقة مفادها أن القرآن الكريم رباني المصدر وأنه من عند الله العزيز الحكيم. يقول الجراح الكبير: "لقد قمت أولا بدراسة القرآن الكريم وذلك دون أي فكر مسبق وبموضوعية تامة، باحثا عن درجة اتفاق نص القرآن ومعطيات العلم الحديث، وكنت أعرف قبل هذه الدراسة وعن طريق الترجمات أن القرآن يذكر أنواعا كثيرة من الظاهرات الطبيعية، ولكن معرفتي كانت وجيزة، وبفضل الدراسة الواعية للنص العربي استطعت أن أحقق قائمة أدركت بعد الانتهاء منها أن القرآن لا يحتوي على أية مقولة قابلة للنقد من وجهة نظر العلم في العصر الحديث."
من أقواله في الكتاب
"لقد أثارت هذه الجوانب العلمية التي يختص بها القرآن دهشتي العميقة في البداية، فلم أكن أعتقد قط بإمكان اكتشاف عدد كبير إلى هذا الحد من الدقة بموضوعات شديدة التنوع ومطابقتها تماما للمعارف العلمية الحديثة، وذلك في نص قد كتب منذ أكثر من ثلاثة عشر قرنا" . "إن أول ما يثير الدهشة في روح من يواجه نصوص القرآن لأول مرة، هو ثراء الموضوعات العلمية المعالجَة، وعلى حين نجد في التوراة –المحرفة– أخطاء علمية ضخمة لا نكتشف في القرآن أي خطأ، ولو كان قائل القرآن إنسانا، فكيف يستطيع في القرن السابع أن يكتب حقائق لا تنتمي إلى عصره؟!" .
وتجدر الإشارة إلى أن النجاح الكبير الذي حققه الكتاب دفع الدكتور موريس بوكاي إلى مواصلة البحث في مجال اختصاصه، فدرس قضية نشأة الإنسان وألف كتابا في الموضوع تحت عنوان: "الإنسان من أين جاء؟ أجوبة العلم والكتب المقدسة" حيث توصل بعد عناء طويل ودراسة علمية شاقة إلى نتائج كبيرة شكلت ضربة قاصمة لدعاة نظرية النشوء والارتقاء التي أرادت مسخ الإنسان والانتهاء به إلى فصيلة القردة.